على نِعَمه الغَزَار، أشهَد أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له الواحد القهّار، وأَشهَد أن محمدًاعَبدُه ورسولُه المُصطفى المُخْتار، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، وصحبه الأبرار 
وبعد!
قال الله سبحانه وتعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِيْ حَرَّمَ اللہُ اِلَّا بِالْحَقِّ”
ومن السنّة مارواه الإمام البخاري-رحمه الله تعالى-فى صحيحه عن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال:قال رسول الله –-أوّلُ مايُقضى بَين الناس يوم القيامة فى الدّماء
وقال ابن تيمية – رحمه الله تعالى – فالذى يَعتَقد حِلّ دِماءالمسلمين ويَستَحلُّ قِتالَهم أولى بِأن يكون مَحارِباً لله ورسولِه ساعِياً فى الارض فَساداً
وقال الشّاعِر:
فإيّاكَ قَتْلَ النّفس ظُلْماً لِمُؤمِنٍ *** فَذلِكَ بَعد الشركِ كُبْرَى التَّفَسُّدِ كَفى زاجِراًعنْه التُّوعّدُ والتُّقى *** بِنَفِىِ مَتابِ القاتِلِ المُتَعَمِّدِ
فَيا أصحابَ الفَخامَةِ والسّماحَة! أولى الفضلِ والكَمالِ وخُلاّنِى الكِرام إنه لَفُرْصة سَعيدَةٌ، وَلَحَضات مُبارَكَة أتَشرَّفُ فيها بِزيارَة هذه الوُجوه النّيّرَة وأسعَدُ بِأن أتَقدَم بِمقالَتى أمام حَضَراتكم حول الموضوعِ “حُرمة دم المُسْلِم”
أيّها الحفل الكريم! إن قتَل المسلم عمداً عُدواناً جَريمَة ٌ شنْعاء وخَطَرٌ على المُجتَمَعِ يُورِثُ البَغْضاءَ وَالشّحناءَ والشِّقاقَ والعِداءَ تُخِلُّ بِالأمن وَتَكْسب الإِثْمَ وتحارالدّعْوَةَ على فاعِلِها وَلايَقْدِمُ عليها من كان يُؤْمِن بالله حَقّاً
إِخْوَةُ الحُبِّ وَالوفاء! مِمّا لاشَكَّ أن حُرْمَة دم المسلم مُقدّمة على حُرْمَة الكَعْبَة المُشَرّفة كَما ذَكَرَ ابن عُمَر- رضى الله عنهما- عِند ما رأى النّبِي- – يَطوفُ بالكَعْبَة ويقول ما أطيَبَك وما أطيَبَ ريحَك، ما أعْظَمك وما أعْظَم حُرْمَتك وَالّذى نَفسُ محمدٍ بِيَده لَحُرمة المؤمن عِند الله أعظَمُ من حُرمتِك  (رواه التِّرمذى)
إخوتى فى الله! ذَهاب الدُّنياأهون عند ربِّ الأنام من دم المُسلم كما ذَكَر ابن ماجَه بِإسنادٍ حَسَن عن البَراء بن عازبٍ- رضى الله عنه- قال: إن رسول الله –-قالَ:لَزَوالُ الدّنيا أهْون على الله من قَتْلٍ مُؤمِنٍ بِغَيرحقٍّ
فَياأصحابَ المَجْدِ والكَرم! إن حُرمة دم المُسلم تَستَوجِبُ تَعْذيبَ أهل السماء والأرض جميعاً فى النّار كماذكَرالتّرمذى فى جامِعِه عن أبى هُريرة -رضى الله عنه-عن النّبي – صلى الله عليه وَسلّم- قال: لوأن أهل السّماء وَالأرض اشتَركوا فى دمٍ مؤمنٍ لأكَبَّهُمُ الله فى النّار
وَأن عُمَر- رضى الله عنه – قَتَلَ خَمْسَةً اوسَبْعَةً بِفَرْدٍواحِدٍ قَتَلوه غِيلَةً وقال: لوتَمالَأ عليهِ أَهْل صنعاء لَقَتلتُهم
أيّها الحشدُالكريم! إن المُسلم فى فُسحَةٍ من دينه حتى يَتَعدّى على مسلم بِالقَتل كما ذَكَر البُخاري-رحِمه الله تعالى – فى صحيحِه عن ابن عُمر – رضى الله عنهما – قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم -لَن يزال المُؤمن فى فُسحَة من دينه مالم يَصُبَّ دماً حراماً
أيُّها المُستَمعون الكرام! إن دِماء المُسلِمين مُحْتَرمة وسَفْكَها بِغيرحقٍّ من كبائِر الذّنوب تَوَعّداللهُ سُبحانه وتعالى بِأعْظم العَقوبة بِاللّعنَة وَالغَضَب وَالعذاب العَظيم وَالخُلود فى نارِجَهنّم قال جَلّ وعلا: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً”
تَأمّلوا عِبادَالله! أليست هى أعْظم آية اشتَمَلت على وَعيدٍ شديدٍ فيها تَهْديدٌ أكيدٌ تَرجُفُ له القُلوب وتَنْصدِع له الأفْئِدة ويَنْزعجُ منه أولُوالعُقول
وَقال النّبِي-صلى الله عليه وَسلم – من قتل مُؤمِناً فاغتَبط بِقتله لن يقبَل الله منه يوم القيامة صَرْفاً ولاعَدْلاً       (رواه البخاري)
أحبتى فى الله! أعظم من ذلِك كُلِّه ماجاء عند احمد والتِّرمذى عن ابن عبّاس ۔رضی الله عنهما- قال النّبي – – يَجيئ المَقتول بِالقاتِل يوم القيامة ناصيته ورأسه بِيده وأوداجُه تَشخب دماً ويقول يا ربّ سَلْ هذا فيمَ قَتلنى
فماذا عسى أن يكون الجواب عند سؤال ربّ الأرباب؟؟؟
اخوتى فى الله! إنّنا فى هذه الأزمِنة المُتأخّرة التى أخْبرنا النّبي – -أن فيها يكثر الهَرَج ثمّ فَسّر الهَرج بالقتل وهذا قَد رأيناه واقعاً فى حَياة كثير من المسلمين فَلقد نَسمع ونقرأُ فى كثير من وسائِل الإعلام عن انتشار مثل هذه الظّاهِرة الخَطيرة ألا وهى القتل والإقتِتال وسفْكُ الدّماء بِدون حقٍّ
أيّها الإخوة الكرام! بَعد هذا السَّرد الطّويل لِآيات القرآن الكريم، وأحاديث  سيّدالمرسَلين، وأقوال الأئِمَة المَهديّين فَإن لِدم المُسلم، وإنتهاك حُرمته، وإرتِكاب جَريمَة القتل مضاراً كثيرةً جَدّاً، ألخّصُها من كِتاب ربّنا وسنّة نَبيّنا
وأوّلها: إن فى قتل المسلم بغير حقٍّ إعْتداءً على المُجتمع كُلِّه
ثانِياً: إن من سَفَكَ دماً متعمّداً فقد أوجَب الله له النّار خالِداً فيها
ثالِثاً: إن سَفك دماء المسلمين والإقتِتال بينَهم عادَةٌ من عادات الجاهِليّة التى نَهانا الإسلام عنها
رابِعاً: إن المسلم فى سعةٍ فإذا ما أصابَ دماً حراماً فقد ضيّق على نَفْسه فى الدّنيا والآخِرة
خامِساً: إن حِرص المسلم على قتل أخِيه يَجعله فى النّار حتى وإن لم يَقتُله فِعْلاً
أمّة الإسلام! ألا هل مِن معتَبر ومتعظ بِما حصل فى دول حيث فُقد الأمان وحُملت البندقية على الإخوان، فسُفكت الدّماء البريئة، وهُتكت الأعراض المصونة، واقتُحمت المنازِل، وبُقرت بطون الحوامل، وقُتلت الأطفال، وحَصل السلب والنهب
فا الحذر الحذر عبادالله! من التساهل فى حرمات الله وحرمات خلقه، والبعد كُل البعد عن الأقوال والأفعال والنّيات التى تغضب الله -عزّوجلّ-
نسأل الله تعالى أن يجتنبَنا من سَفك دِماء المسلين ويُوفّقَنا ما يُحبه ويَرضى.

جواب دیں

آپ کا ای میل ایڈریس شائع نہیں کیا جائے گا۔ ضروری خانوں کو * سے نشان زد کیا گیا ہے